للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - العدل بين المتخاصمين؛ حتى وإن كان أحدهما على حق والثاني على باطل، فالواجب العدل وأن يحكم لكل واحد ما يستحق، وجه ذلك: نفي كون الشيء بالأماني بالنسبة للمسلمين واليهود والنصارى، ثم إثبات أن من عمل سوءًا جوزي به، وهذا غاية العدل، ولهذا قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨].

٣ - التهديد لمن عمل سوءًا، لقوله: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} فإن عمله لن يضيع وسوف يجزى به، والآية مطلقة فهل يجزى في الدنيا أو في الآخرة أو فيهما؟ الجواب نقول: أما إذا كانت العقوبة في الدنيا عقوبة شرعية فإنه لا يجمع عليه بين العقوبتين، ولهذا صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن من أصاب حدًا فأقيم عليه في الدنيا كانت كفارة له (١)، وأما العقوبات غير الشرعية وهي العقوبات القدرية التي ينزلها الله بالمرء من مرض أو فقر أو غير ذلك، فهذه قد تكفر السيئات ولا يبقى عليه شيء في الآخرة، وقد لا تكفر السيئات جميعًا.

٤ - جواز إخلاف الوعيد؛ لأن من الوعيد قوله: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}، ولكن الله تعالى قال في كتابه: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، وهذا يدل على أن من عمل سوءًا قد يغفر الله له ما عدا الشرك.


= رقم (٢٤٥٩)؛ وابن ماجه، كتاب الزهد، باب ذكر الموت والإستعداد، حديث رقم (٤٢٦٠)؛ وأحمد (٤/ ١٢٤) عن شداد بن أوس.
(١) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب علامة الإيمان حب الأنصار (١٨)؛ ورواه مسلم، كتاب الحدود، باب الحدود كفارة لأهلها (١٧٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>