فإذا قال قائل: كيف نجيب عن هذه الآية: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} وهي خبر؟
قلنا: هذه يراد بها التهديد، وهي من باب الوعيد، والعفو عن الوعيد من باب الكرم، وهو مدح وليس بذم، ولهذا امتدح الشاعر نفسه بقوله:
وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف إيعادي ومنجز موعدي
٥ - أن الإنسان لا يجازى بأكثر مما عمل من السوء، لقوله:{يُجْزَ بِهِ}، والباء هنا للعوض، أو للبدل، بخلاف من عمل حسنًا فإنه يعطى أكثر، كما في آيات أخرى.
٦ - كمال قوة الله تعالى وسلطانه، لقوله:{وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا}، ومثل هذه الآية قد تكررت في القرآن كثيرًا، مثل قوله تعالى:{وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}[هود: ١١٣]، ومثل قوله تعالى: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (٦٥)} [الأحزاب: ٦٥] وهذا كثير؛ لأن الله سبحانه كامل القوة، وكامل السلطان، فلا أحد يمنعه ولا أحد يدفعه.
٧ - أن المصائب في الدنيا كفارات؛ لأنها نوع من الجزاء، وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه ما من غم ولا هم ولا حزن يصيب العبد إلا كفر به عنه حتى الشوكة إذا أصابته فإن الله يكفر بها عنه (١).
* * *
(١) رواه البخاري، كتاب المرضى، باب ما جاء في كفارة المرض (٥٦٤٢)؛ ورواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن (٢٥٧٢).