للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكافر ذكر جزاء المؤمن وهكذا، وتأمل هذا تجده أكثر ما يكون في القرآن، والحكمة من ذلك: أن يكون الإنسان سائرًا إلى الله بين الخوف والرجاء؛ لأنه إذا ذكر ما أعد الله للمتقين غلب رجاؤه، وإذا ذكر ما أعده الله للكافرين غلب خوفه، والأولى أن يكون خوفه ورجاؤه واحدًا.

وقد اختلف العلماء رحمهم الله في هل لا بد أن يكون خوف الإنسان ورجاؤه واحدًا في كل حال أو في بعض الأحوال؟ وهل هو في كل عمل أو هو في بعض الأعمال؟

فمن العلماء من يقول: إذا كان الإنسان مريضًا فالأولى أن يغلب جانب الرجاء، حتى يقدم على ربه وهو يحسن الظن به، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه" (١).

ومن العلماء من يقول: إذا هم بالسيئة فليغلب جانب الخوف حتى يرتدع، وإذا عمل العمل الصالح فليغلب جانب الرجاء أن الذي وفقه للعمل سوف يقبل منه.

وعلى كل حال: العلماء اختلفوا في هذا، فنقول: كل إنسان ونفسه، إذا رأيت من نفسك أنه غلب عليك الخوف حتى وصلت إلى اليأس من رحمة الله؛ سواء في أمور الدين أو أمور الدنيا فحينئذ قوِّم نفسك وعدل نفسك، وإذا رأيت أنك تغلب جانب الرجاء فقوم نفسك أيضًا؛ لأن بعض العصاة إذا قلت له: اتق الله يا أخي! وارتدع عن المعصية، يقول لك: الله غفور رحيم، فيغلب جانب الرجاء، وهذا خطأ، ومن الناس من يكون


(١) رواه مسلم، كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت، حديث رقم (٢٨٧٧) عن جابر بن عبد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>