للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن قلبه غير مؤمن - أعاذنا الله من ذلك - فإنه لن ينفعه العمل الصالح، كرجل مخلص يريد رضا الله عزّ وجل ويتبع الرسول - صلى الله عليه وسلم -، لكنه متشكك مع إخلاصه فإنه لا يقبل منه.

ولكن هنا مسألة يجب التفطن لها، وهي أن القلب إذا كان خالصًا صريحًا فإن الشيطان يسلط عليه حتى يوقعه إما في شرك وإما في شك، وكلما كان الإنسان أصرح إيمانًا فإن الشيطان يزيد في ضربه بسهامه، وتشكيكاته، وغير ذلك، فلتكن على حذر، وأعرض عن هذا وانته عنه، واستعذ بالله منه فإنه لا يضرك.

ولهذا كثيرًا ما نسمع من يشتكي هذه الحال، فنقول له كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "استعذ بالله ثم انته" (١) "استعذ بالله" هذا لجوء إلى الله فيما لا يمكن أن يخلصك من الشيطان إلا الله عزّ وجل، فاستعذ بالله، "وانته" هذا فيما يمكنك فعله، انته: بمعنى أعرض عن هذا ولا تفكر فيه، فلو كنت ذاهبًا لتصلي، وسألك سائل: لماذا تصلي؟ لقلت: إيمانًا بالله وابتغاءً لفضله وليس عندك في هذا شك، إذًا: ما يورده الشيطان على قلبك لا تلتفت إليه، وبكل سهولة يمكنك أن تتخلص من إيراداته، بيقينك بأنك ما جئت إلى المسجد ولا توضأت، وكذلك ما تركت الطعام والشراب والنكاح في صومك إلا وأنت مؤمن بالله عزّ وجل، ومؤمن بثوابه، وخائف من عقابه، بمثل هذه الأمور يمكن أن يستعين الإنسان على طرد هذه الوساوس، وإلا فإن الإنسان إذا استرسل معها ربما تهلكه، لكن الحمد لله أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - أعطانا هذا الدواء الناجع، بأن أقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثم أنتهي، وأنظر إلى


(١) تقدم (١/ ٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>