للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحق - فاقضه لخصمك، وهذا إلزام -، بينما المفتي لا يستطيع أن يلزم حتى لو أفتى، لكن هل يجب أن يلتزم بما يفتي به؟ فيه تفصيل.

قال العلماء رحمهم الله: إذا سأل المستفتي عالمًا مطمئنًا لقوله معتقدًا فيه الحق فإنه يلزمه العمل به، ولا يستفتي غيره؛ لأن الله قال: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣] والفائدة من سؤالهم الأخذ بما يقولون، وإلا لكان ذلك عبثًا.

فلو أنك استفتيت عالمًا في قرية، وليس في نظرك من هو أعلم منه، وفي نيتك أنك إذا وصلت إلى المدينة التي يكثر فيها العلماء سألت، ففي هذه الحالة أنت ملتزم بفتوى هذا العالم التزامًا مقيدًا أو مؤقتًا، فلك أن تسأل إذا وصلت إلى الموارد العذبة.

قوله: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} المستفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، والمفتي هو الله عزّ وجل؛ لأن ما يفتي به رسول الله هو ما يفتي به الله عزّ وجل.

قوله: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ} ولم يبين الله عزّ وجل الإستفتاء على أي شيء يقع، هل المراد بقوله: {وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ} في تزويجهن؟ ! أم في التزوج منهن؟ ! أم في تمكينهن من البيع والشراء؟ أم في أي شيء؟ لكن الآية نزلت بسبب معلوم، وهو أنه يكون عند الرجل امرأة يتيمة من عمه أو ما أشبه ذلك، فيظلمها ويحجزها لنفسه، أو يحجزها لابنه، أو ما أشبه ذلك، فأشكل هذا الأمر على الصحابة فسألوا الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فأفتاهم الله بقوله: {قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنّ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>