والمودة، ولو أدى النزاع إلى التحاكم صار في النفوس بعض الشيء، إذ أن المحكوم عليه سوف يكون في قلبه شيء على خصمه، وربما على القاضي أيضًا، وربما على الشهود، فتنتشر العداوة، فإذا وقع الصلح انقاد الجميع عن سماحة نفس واطمئنان.
٨ - الإشارة إلى أن الصلح ثقيل على النفوس، لكن المؤمن يهون عليه الثقل إذا كان يؤمن بأن الصلح خير، ويؤخذ من قوله:{وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ} فالإنسان بطبيعته لن يتنازل عما يريد، ولن يتغاضى عن حقه، لكن في المصالحة التي هي خير لا بد من ثمن يبذل وهو الضغط على النفس التي أحضرت الشح؛ حتى توافق على الصلح.
٩ - الحث على الإحسان والتقوى، لقول الله تعالى:{وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}.
١٠ - عموم علم الله في كل شيء حتى بما نعمل، وعلم الله بما نعمل علم سابق على عملنا ولا شك؛ لأن الله سبحانه قال: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)} [الحج: ٧٠].
فإن قال قائل: أليس الله يقول: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ}[محمد: ٣١]، {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢)} [آل عمران: ١٤٢] قلنا: بلى قال الله هذا، والذي قال هذا هو الذي قال: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (٧٠)} [الحج: ٧٠]، إذًا: كيف نجمع؟