للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك، وهذا من باب الورع، أما نحن فتجد الواحد منا يقول: هذا يحرمه الشرع، أو هذا حرام في الشرع، سبحان الله! وربما أن هذا الرجل لو بُحث معه في أدنى مسألة لما عرفها، ويقول: هذا حرام في الشرع، وهو من المسائل الإجتهادية، وقد يكون الصواب أنه ليس بحرام، ثم يضاف إلى الشرع كله من شخص ليس أهلًا للإجتهاد.

لكن لو سأل سائل: ما تقول في الميتة؟ فقل: حرام؛ لأن هذا ورد في القرآن.

إذًا: يجب على الإنسان أن يتحرز، وكثيرًا ما يلجئنا بعض الناس إلى ذلك، كأن تكون المسألة عندنا ليست واضحة في التحريم، ثم نقول: لا تفعل، فيقول: أهو حرام؟ ويصر على ذلك، ولكننا نصر على أن نقول: لا تفعل، ويكفينا هذا حجة عند الله عزّ وجل؛ لأن بعض الناس قد يلجئك، ومعنى كلامه: أنه إن كان حرامًا فما أنا بفاعله، وإن كان غير حرام فسأفعله، وإن كان فيه شبهة ... هذا هو معنى كلامه، وهذا إلجاء واضطرار، فلا يلزمني أن أقول: هو حرام، إذا لم يتبين لي الأمر فيه.

بل إن بعض الناس عنده جدل، فأقول له: نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فيقول: لكن هل النهي للتحريم؟ سبحان الله! إذا نهى عنه الرسول فاتركه، وانتهِ عنه، فإن كان للتحريم فقد سلمت من إثمه، وإن كان للكراهة فقد رجعت بفضله؛ لأن ترك المكروه يعتبر من الزهد، إذ أن الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما يضر في الآخرة، فيكون الزهد أعلى؛ لأن بين ما ينفع

<<  <  ج: ص:  >  >>