المغفرة: مغفرة الذنوب، وإزالة آثارها، والرحمة: حصول المطلوب والمحبوب، ولهذا سمى الله تعالى الجنة رحمة، فقال لها:"أنت رحمتي أرحم بك من أشاء"(١).
وهل المغفرة صفة حقيقة أو هي عبارة عن رفع المؤاخذة والعقوبة؟
الجواب: صفة حقيقة، تقتضي رفع المؤاخذة والعقوبة، وكذلك يقال في الرحمة.
وهي صفة حقيقة يتصف الله بها، وليست عبارة عن الإحسان والإنعام وجلب المصالح، وهذا ما عليه السلف الصالح وأئمة هذه الأمة من بعدهم.
وأما من قال: إن الله لا يوصف بالمغفرة ولا بالرحمة فقد ضل ضلالًا مبينًا، وحجته وهمية حقيقة وليست عقلية؛ لأنه يقول:"مغفرة" تقتضي فعلًا، والفعل من سمات المحدثين؛ لأنه بزعمه لا يقوم الحدث إلا بحادث، وبزعمه أن الرحمة لا تليق بالله؛ لأن فيها رقة وانفعالًا بالمرحوم، وهذا لا يليق بالله عزّ وجل.
ومعلوم أن هذا قياس في مقابلة النص، وأنه يشبه قياس إبليس حين خاطبه الله عزّ وجل وأمره بالسجود، فقال:{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ}[الأعراف: ١٢]. يعني: فأنا خير منه كيف أسجد له وهو دوني؟ ! فمن حكَّم العقل في مقابلة النص؛ فإنه يشبه إبليس تمامًا، وفعله من وحي إبليس.
ونحن نقول: الرحمة التي هي الرقة والإنفعال من الرفق