للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا} [الطلاق: ٢٠] واسع في حكمته، ولهذا قرن الحكمة به، واسع في سمعه وبصره، وفي كل صفاته عزّ وجل، وواسع في إحاطته فهو محيط بكل شيء: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (١١٥)} [البقرة: ١١٥].

المهم: أنه جل وعلا واسع بمعنى الكلمة على أوسع ما يكون.

وقوله: {حَكِيمًا} أي: ذو حكمة وحكم، فهو الذي له الحكم الكوني والشرعي، وهو الذي له الحكمة الصورية أو الغائية، فالحكم الله عزّ وجل {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [الأنعام: ٥٧]، وحكم الله عزّ وجل، كوني وشرعي، فما قضاه في خلقه فهو كوني، وما شرعه لخلقه فهو شرعي. إذًا: الضابط: الحكم الكوني ما قضاه الله في خلقه، والحكم الشرعي ما شرعه الله لخلقه عزّ وجل، كقوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [المائدة: ٣] فهذا حكم شرعي، وقوله: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ} [الأنعام: ١] حكم كوني.

أما المثال لنفس الحكم بهذا المادة فقول الله تبارك وتعالى في سورة الممتحنة: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} [لممتحنة: ١٠] وهذا حكم شرعي، وقال: {أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا} [المائدة: ٥٠] وهذا حكم شرعي، وقول أخي يوسف: {فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي أَوْ يَحْكُمَ اللهُ لِي} [يوسف: ٨٠] فهذا كوني، وقوله: {أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨)} [التين: ٨]، كوني شرعي.

أما الحكمة فقد تكون في صورته التي خلقه الله عليها، وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>