تكون الحكمة في الغاية منه، فقوله سبحانه: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦] هذه حكمة لبيان الغاية الحميدة في خلق الإنس والجن، وقوله: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)} [التين: ٤] هذه حكمة صورية وليس المراد أنه ليس لها معنى، وإنما "صورية" يعني: كونها على هذه الصورة المعينة، هذه من حكمة الله عزّ وجل.
فارتفاع الشمس والقمر بهذا المقدار، وتعاقب الليل والنهار على هذا الوجه كله من الحكمة الصورية. يعني: أن كونه على هذه الصورة هو الحكمة، ولو اختلف لفاتت الحكمة.
فعلى هذا نقول: الحكم هنا أربع: حكمة في الشرع، وحكمة في القدر، وحكمة في الصورة، وحكمة في الغاية.
إذا آمنت بهذا علمت أن الله عزّ وجل لا يمكن أن يحدث شيئًا - ولو أعظم الشر والضرر - إلا لحكمة، فهذه الحروب التي وقعت، والتي تقع الآن كلها لحكمة، وإذا آمنا بذلك صبرنا وانتظرنا الفرج، ويحصل الفرج بإذن الله، ولا نقول: لماذا قدرها الله؟ أو نتسخط أو نقول: ليس فيها حكمة. بل يجب أن نؤمن بأن ذلك لحكمة؛ لأنه قدر الله، وقدر الله لا شك أنه لحكمة.
كذلك في الشرع: إذا أمر الله بشيء أو نهانا عن شيء - حتى وإن كنا لا نعلم حكمته - يجب أن نعلم أن له حكمة؛ لأن هذا من مقتضى اسم الحكيم.
فقد خلق الله عزّ وجل الشياطين، وسلطها على من شاء من عباده، وخلق الله الشر، والأمراض، والفقر وغيره، ولها حكمة