للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغاية، فهنا: {الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} ليسوا أفضل منا، ولكنهم أسبق منا زمنًا، وفي قوله: {يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ} تقديم الرتبة، فذكر الرسول عليه الصلاة والسلام لئلا يكون تابعًا لغيره، فيقال: يخرجونكم والرسول.

وقوله: {أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ} هذا ما أوصى به الله عزّ وجل الأولين والآخرين، وتقوى الله مرت علينا كثيرًا مرارًا وتكرارًا على أنها اتخاذ وقاية من عذاب الله بفعل أوامره واجتناب نواهيه.

والتقوى: أحيانًا تضاف إلى الله كما هنا، وأحيانًا تضاف إلى المخلوقات مثل: {وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ (١٣١)} [آل عمران: ١٣١]، وأحيانًا تضاف إلى الزمن مثل: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} [البقرة: ٢٨١]، وليست التقوى المضافة إلى غير الله كالتقوى المضافة إلى الله؛ لأن التقوى المضافة إلى الله تقوى مع عبادة وتذلل لله عزّ وجل، أما اتقاء النار، واتقاء اليوم الذي يرجع فيه إلى الله فهذا مثل اتقائنا للسباع والذئاب وما أشبه ذلك! أي: أننا نخاف منها خوفًا طبيعيًا لا خوف عبادة ولا تقوى عبادة.

وفي الأثر: "اتق شر من أحسنت إليه"، وهذا ليس تقوى عبادة، فكل تقوى تضاف إلى غير الله فليست تقوى عبادة، والتقوى المضافة إلى الله تقوى عبادة، بمعنى أن الإنسان يتقي مخالفة الله عزّ وجل محبة له وتعظيمًا له.

قوله: {وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} يعني: ولن تضروا الله.

فإذا كفر كل الخلق فإنهم لن يضروا الله عزّ وجل؛ لأنه غني

<<  <  ج: ص:  >  >>