للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عنهم، وفي الحديث القدسي من حديث أبي ذر - رضي الله عنه - المشهور أن الله تعالى قال: "يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم ما نقص ذلك من ملكي شيئًا" (١)، وأي شيء ينقص الله؟ ! الطاعة تنفع صاحبها، والسيئة تضر صاحبها، أما الرب عزّ وجل فإنه لا يتضرر بمعصية ولا تنفعه الطاعة، ولهذا قال: {وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} فهو غني عنهم أجمعين.

قوله: {وَكَانَ اللَّهُ غَنِيًّا حَمِيدًا} مر علينا أيضًا مرارًا وتكرارًا أن "كان" في مثل هذا الترتيب تفيد الثبوت والإستمرار، واتصاف الموصوف فيها. يعني: اتصاف اسمها بالصفة المضافة إليه فكان الله غنيًا حميدًا ولم يزل غنيًا حميدًا.

والغني: هو من عنده غنًى يستغني به عن غيره، والحميد بمعنى: المحمود، فهو غني يحمد على غناه، وليس كل غني يحمد على غناه، فالغني البخيل كالفقير تمامًا، بل أردأ من الفقير؛ وأسوأ حالًا من الفقير؛ لأن الغني البخيل يذم، والفقير لا يذم، لكن الغني الحميد بمعنى: الذي ينفع غيره بغناه، وهذا هو المحمود، فالله سبحانه غني بذاته عن جميع مخلوقاته، ثم هو حميد بما يفعله بعباده من الخيرات والنعم ودفع النقم ... وغير ذلك.

وقوله: "حميد": بمعنى حامد، وبمعنى محمود، فإن قال إنسان: أليس هذا من استعمال المشترك في معنيين؟ قلنا: وأي


(١) رواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم الظلم، حديث رقم (٢٥٧٧) عن أبي ذر.

<<  <  ج: ص:  >  >>