قوله:{وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ}، "الْكِتَاب" هنا اسم جنس، فـ "أل" هنا للإستغراق؛ أي: وكل كتاب أنزَل من قبل، وعبر عن الكتب السابقة بـ {أَنْزَلَ} لأنها تنزل جملة واحدة.
والإيمان بكتاب الله: هو أن تؤمن بأنه من عند الله حقًا، وأن ما جاء فيه من أخبار فهي صدق، وما جاء به من أحكام فهي عدل، وأنه مهيمن على الكتب السابقة ناسخ لها.
والإيمان بالكتاب الذي أنزل من قبل: أن تؤمن بأن كل رسول قد أنزل الله عليه كتابًا، وتؤمن بما جاء من الكتب بالتعيين، مثل: التوراة، والإنجيل، والزبور، وصحف إبراهيم وموسى، وأن تؤمن بأنها من عند الله عزّ وجل، وأن تؤمن بكل ما صح فيها من خبر، وقيدنا بكل ما صح فيها من خبر؛ لأنه دخلها التحريف والتبديل والتغيير، وأما الأحكام فلست مأمورًا باتباعها إلا حيث أمرك شرعك.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله في شرع من قبلنا: هل هو شرع لنا أو ليس بشرع لنا؟
والتحقيق أنه شرع لنا، لقوله تعالى:{فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ}[الأنعام: ٩٠] إلا إذا ورد شرعنا بخلافه، فإنه يكون منسوخًا، على أن العمل بالأحكام التي في الكتب الموجودة الآن بأيدي أهل الكتاب ليس مأمونًا؛ لأنهم حرفوا وبدلوا وغيروا.
ثم قال:{وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} هذه خمسة من أركان الإيمان