للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكتاب بالقرآن فهذا تفسير بالمراد، وإذا فسرنا الكتاب بالمكتوب فهذا تفسير باللفظ، فالتفسير باللفظ هو الذي يفسر اللفظ بما يوافق اشتقاقه، والتفسير بالمراد هو الذي يفسر اللفظ فيه بما أريد به بقطع النظر عن الإشتقاق، فإذا قلت: الكتاب بمعنى المكتوب فهذا تفسير لفظي باللفظ، وإذا قلت المراد به: القرآن فهذا تفسير بالمراد، وهذا يقع كثيرًا في القرآن الكريم، فتارةً تفسر الكلمة بمرادها، وتارة تفسر بما يوافق اشتقاقها.

وعلى كلٍ فالكتاب هنا: فِعَال بمعنى مفعول؛ أي: مكتوب، وسمي مكتوبًا؛ لأنه مكتوب في اللوح المحفوظ، ولأنه مكتوب في المصاحف التي بين أيدينا, ولأنه مكتوب بأيدي السفرة الكرام البررة.

قوله: {أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ}، {أَنْ} هذه مصدرية، ويجوز أن تكون تفسيرية؛ لأن التنزيل يتضمن معنى القول دون حروفه، والتفسيرية هي التي تأتي مفسرة لما تضمن معنى القول دون حروفه.

والمنزل الآن قوله: {أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ}، والآية التي أشار الله عزّ وجل إليها هي قوله: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٦٨)} [الأنعام: ٦٨] يعني: إذا رأيت أحدًا يخوض في آيات الله إما بكفر أو استهزاء أو غير ذلك فلا تقعد معه، لكن لو نسيت فلا حرج عليك، إلا إذا ذكرت، ولهذا قال: {فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.

<<  <  ج: ص:  >  >>