للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: {إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ} المراد بالآيات هنا: الآيات الشرعية فيما يظهر، ولكن لا مانع أن نقول: هي أيضًا تشمل الآيات الكونية، أما الآيات الشرعية فهي ما جاءت به الرسل من الكتب المنزلة عليهم، وأما الآيات الكونية فهي المخلوقات، فإذا رأيت أحدًا يقرر أن تكون الطبيعة هي الخالقة المدبرة، فهذا كفر بآيات الله الكونية، أما الشرعية فيكون الكفر بها إما بالتكذيب أو بالعصيان والمخالفة، والعصيان والمخالفة إما أن يكون كفرًا أكبر أو يكون دون ذلك.

وقوله: {وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا} أي: تتخذ هزوًا وسخرية، سواء كان ذلك في ذاتها، أو فيما جاءت به من الأحكام، أو فيما أخبرت به من الحوادث، مثل أن يسخر بيوم القيامة، أو يسخر بآدم عليه السلام، أو يسخر بقصص الأنبياء السابقين، أو يسخر بالأحكام الشرعية، فكل هذا داخل في قوله: {وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا}.

قوله: {فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ} المراد بالقعود المكث، سواء كان ذلك قعودًا أم وقوفًا أم اضطجاعًا، وليس المراد بالقعود ما هو ضد القيام والإضطجاع.

قوله: {حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}، {حَتَّى} تفيد الغاية؛ يعني: إلى أن يخوضوا في حديث غيره، وعبر بقوله: {يَخُوضُوا} لأن الذين كانوا يكفرون بآيات الله ويستهزئون بها يبعد كون قولهم جدًا، بل هم دائمًا {فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ} [الطور: ١٢]، لكن مع ذلك إذا كان هذا الخوضُ لا يخدش الدين فلا بأس أن نبقى معهم، و {حَتَّى} هنا قلت: إنها للغاية، وتأتي لغير الغاية كثيرًا، فتأتي للتعليل مثل قوله تعالى: {هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>