المال فلا حق للورثة، فلو كان عليه ألف درهم وخلف ألف درهم، فهنا لا شيء للورثة؛ لأن الدين قد استغرق جميع التركة، ولو أوصت المرأة بألف وتركت ألفًا فقط، فإنها لا تنفذ الوصية؛ لأنها لا تملك الوصية إلا بالثلث فأقل.
وفي هذه الآية قدم الله تعالى الوصية على الدين، وقد سبق في الآية الأولى كذلك، وقد بيَّن العلماء رحمهم الله الحكمة من هذا بأن الوصية تبرع، والدين واجب، فقدمت الوصية - لجبر نقصها، بكونها تبرعًا - على الواجب، هذا وجه.
والوجه الثاني: أن الدين له من يطالب به، بخلاف الوصية فإنها تبرع، ولو شاء الورثة أن يجحدوها لجحدوها، فقدمت اهتمامًا بها واعتناءً بها.
وقوله تعالى:{وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ} يقال في هذه الجملة ما قيل في التي قبلها، والحكمة من أن الله فرق بين الرجال والنساء، فجعل للأنثى نصف ما للرجل - لأن هذه هي القاعدة في الفرائض-: أن الرجل والأنثى إذا كانا من جنس واحد فهما على التفريق، فيكون للرجل ضعف ما للأنثى، إلا من ورث بالرحم المجردة، فإنه يستوي فيه الذكر والأنثى، مثل أولاد الأم، فإن ذكورهم وإناثهم سواء، ومثل ذوي الأرحام على المشهور من المذهب، فإن ذكرهم وأنثاهم سواء، فابن الأخت وبنت الأخت المال بينهما بالسوية، وسيأتي - إن شاء الله - في الفوائد ذكر الخلاف فيه، وأن الصحيح أن ميراث ذوي الأرحام مبني على إرث من يدلون