للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الأمة تعدل جميع الأمم وتزيد الضعف، ثم إبراهيم عليه الصلاة والسلام بعد محمد - صلى الله عليه وسلم -، وهذان الرسولان الكريمان هما خليلا الرحمن، ولم تثبت الخلة فيما نعلم لأحد سواهما، ثم موسى لأنه عليه الصلاة والسلام كابد من المشقة مع فرعون ومع بني إسرائيل ما لم يتبين لنا في رسول سواه، بقي عندنا عيسى ونوح، أيهما أفضل؟ منهم من قال: إن نوحًا أفضل؛ لأن نوحًا عليه الصلاة والسلام بقي يدعو قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، وحصل منهم من السخرية والإستهزاء به ما هو معلوم في القرآن والسنة، ومنهم من فضل عيسى؛ لأنه كابد بني إسرائيل، وبنو إسرائيل هم أشد الناس عتوًا وطغيانًا كما يظهر ذلك لمن تدبر القرآن والسنة، فحصل له مشقة إلى حد أن بني إسرائيل جعلوا أمه زانية، وجعلوا عيسى ولد زنا والعياذ بالله! قاتلهم الله! فحصل له عليه الصلاة والسلام من المضائق، وحصل له من المناقب والكرامات ما لم نعلم أنه حصل لنوح.

ولو قال قائل: إما أن نجعلهم على حد سواء، وإما أن نتوقف لكان هذا خيرًا؛ لأنه ليس هناك أشياء تميز تمامًا أيهما أفضل.

المهم: أن إيماننا بالرسل يدخل فيه الإيمان بما حباهم الله تعالى به من الفضائل، وأن نفضل بعضهم على بعض، وهذا لا يضر، ولكن إذا أدى هذا التفضيل إلى خصومة ونزاع، واحتقار رسولنا إذا فضلناه على رسول الآخرين، فإنه يجب التوقف والسكوت، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام، قال: "لا ينبغي لعبدٍ أن يقول: أنا خير من يونس بن متى" (١) مع أن يونس عليه الصلاة


= كتاب إخباره - صلى الله عليه وسلم - عن مناقب الصحابة (٧٥٦٦)، وكذلك أورده الحاكم في مستدركه كتاب الإيمان (٢٤٨).
(١) أخرجه البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب قول الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} (٣٤١٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>