للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك أخبر النبي عليه الصلاة والسلام عن أيام الصبر "أن العامل فيهن له أجر خمسين من الصحابة" (١)، والمراد أن ما يلحقه من المشقة في العمل يقابل خمسين مرة من عمل الصحابة؛ لأن الصحابة كلهم مؤمنون، وكلهم مستقيمون، لكن أيام الصبر كل الناس على خلاف هذا الرجل الذي قام بطاعة الله، فهو غريب بينهم، ومن المعلوم أنه إذا كان غريبًا بينهم فسوف تشق عليه العبادة، فمن أجل ذلك صار للعامل فيهن أجر خمسين واحدًا من الصحابة، وهذا لا يعني الفضل المطلق على الصحابة؛ لأن هؤلاء فاقوا الصحابة في مشقة العمل عليهم، أما الفضل المطلق فهو للصحابة رضي الله عنهم.

ويكون أيضًا الأجر بحسب الإخلاص، فمن كان أخلص لله كان أكثر ثوابًا، حتى إن الله قال في الحديث القدسي: " أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملًا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه" (٢) وكذلك يختلف باختلاف المتابعة، فمن كان للرسول - صلى الله عليه وسلم - أتبع، كان أجره أكثر، حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام: "إياكم ومحدثات الأمور! فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" (٣).


(١) رواه أبو داود، كتاب الملاحم، باب الأمر والنهي، حديث رقم (٤٣٤١)؛ والترمذي، كتاب التفسير، باب سورة المائدة، حديث رقم (٣٠٥٨)؛ وابن ماجه، كتاب الفتن، باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}، حديث رقم (٤٠١٤) عن أبي ثعلبة الخشني.
(٢) تقدم ص ٢٦٥.
(٣) رواه أبو داود، كتاب السنة، باب في لزوم السنة، حديث رقم (٤٦٠٧)؛ والترمذي، كتاب العلم، باب الأخذ بالسنة واجتناب البدع، حديث رقم (٢٦٧٦) عن العرباض بن سارية.

<<  <  ج: ص:  >  >>