للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أما قريش فقالوا: لولا أنزل عليه ملك، قال الله تعالى: {وَقَالُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لَا يُنْظَرُونَ (٨) وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا} [الأنعام: ٨، ٩] وقوله: {لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا} أي: بصورة الرجل؛ لأنه لا يمكن أن يكون ملكًا بصورة الملائكة ثم يخاطب البشر، فلو أن الله أرسل ملكًا إلى البشر لجعله بصورة البشر.

قوله: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ} يعني: فلا تعجب أن يسألوك {أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ} وعلى هذا فيكون قوله: {فَقَدْ} جملة معطوفة على مقدر، دل عليه السياق، والمعنى: إذا سألوا هذا فلا تستغرب، ولا تستكثر هذا السؤال {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ} والذي سألوه قالوا: {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} والعياذ بالله!

وهؤلاء هم القوم السبعون الذين اختارهم موسى، فقد اختار موسى من قومه سبعين رجلًا لميقات الله، فجاءوا لميقات الله، وسمعوا الله عزّ وجل يكلم موسى، سمعوه بآذانهم يكلم موسى، ومع ذلك لم يصدقوه {فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} يعني: وإلا فلست بصادق، وهذا الذي يسمع ليس كلام الله، وماذا حصل لهم؟

قال الله: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ} وماتوا في آن واحد، ولكن موسى عليه الصلاة والسلام سأل ربه أن يحييهم، {قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِيَّايَ} [الأعراف: ١٥٥] فأحياهم الله، ثم صاروا في بني إسرائيل.

الحاصل أن هؤلاء قالوا قولًا أعظم مما طلبوا من

<<  <  ج: ص:  >  >>