للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحتاجه بنو إسرائيل في عهدهم، كما في قوله: {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الجاثية: ١٦] {الْعَالَمِينَ} أي: على عالمي زمانهم، وليسوا على كل العالمين حتى الأمة هذه، لكن هذا الكتاب المبين الذي قال الله فيه: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] هذا يعم كل شيء؛ لأنه كتاب للأمة إلى يوم القيامة، فلا بد أن يكون قد أتى بما تحتاجه الأمة إلى يوم القيامة.

وقوله: {وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا} قوله: {وَآتَيْنَا} من أبان، وهو صالح لأن يكون من أبان اللازم أو أبان المتعدي؛ لأن كلمة "أبان" رباعية تكون لازمة، كما يقال: أبان الصبح، فهذه لازمة يعني: بأن، وتكون متعدية كما تقول: أبان لي هذا الرجل ما أشكل علي، فهذا السلطان الذي أوتيه موسى مبين مظهر للحق، وهو بيَّن بنفسه، وهذا مبني على القول الراجح وهو جواز استعمال المشترك في معنيين، والمشترك: هو ما تعدد معناهُ واتحد لفظه، فلفظه لفظًا واحدًا يصلح للمعنيين فأكثر، مثل كلمة "العين"، فإنها تكون للعين الباصرة، وتكون للذهب، فيسمى عينًا، وتكون للشمس، تسمى عينًا، وتكون للماء البخاري، تسمى عينًا، فهذا المشترك، فهل يمكن أن يستعمل المشترك في جميع المعاني التي يصلح لها؟ الجواب نقول: يمكن، لكن لا بد من قرينة، ولا بد من أن لا يتنافى المعنيان، فقول الله تعالى: {وَاللَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ (١٧)} [التكوير: ١٧] قال العلماء: {عَسْعَسَ} كلمةٌ تصلح للإقبال والإدبار؛ أي: إذا أقبل أو إذا أدبر، فيصح أن نقول: إن {عَسْعَسَ} بمعنى: أقبل وأدبر؛ لأنهما لا يتنافيان، فيقسم الله بالليل حين إقباله، وذلك عند غروب الشمس، ويقسم بالليل حين إدباره، وذلك عند طلوع الفجر أو طلوع الشمس.

<<  <  ج: ص:  >  >>