والسلام، أثرت فيها ألمًا، حتى قال في مرضه:"ما زالت أكلة خيبر تعاودني، وهذا أوان انقطاع الأبهر مني"(١)، ولهذا ذهب بعض التابعين - وأظنه الزهريّ - إلى أن محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من النبيين الذين قتلتهم بنو إسرائيل.
٤ - أن سؤال الإنسان أن يرى الله جهرة من أكبر العدوان، لقوله:{فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ} وهل يؤخذ منه أنه يمتنع في الدنيا أن يرى أحد ربه؟
الجواب: نعم، الظاهر أنه يؤخذ منه؛ لأن الله قال:{فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ}؛ لأنه لو كان يمكن لكان سؤالهم ليس بذاك الشنيع، لكنه لا يمكن أن يرى الله في الدنيا، ويدل لهذا: أن موسى عليه السلام قال: {رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ}[الأعراف: ١٤٣] لكن قول موسى {أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} ليس كقول هؤلاء {أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً} فبينهما فرق، فموسى سأل الرؤيا شوقًا إلى الله {عزّ وجل، ومحبة لرؤيته، اللهم لا تحرمنا إياها, لكن بنو إسرائيل قالوا ذلك تحديًا وعنادًا واستكبارًا، فقال الله له: {لَنْ تَرَانِي} أي: لا يمكن، ثم ضرب الله له مثلًا فقال:{وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ}[الأعراف: ١٤٣] فقوله: {اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ} أي على ما هو عليه، {جَعَلَهُ دَكًّا} جعله مندكًا بالمرة، صار كالرمل، ولم يهرب
(١) رواه أبو داود، كتاب الديات، باب فيمن سقى رجلًا سمًا أو أطعمه فمات أيقاد منه؟ (٤٥١٢)؛ ورواه الدارمي في المقدمة، باب ما أكرم الله به النبي - صلى الله عليه وسلم - (٦٧).