تبصر، والعياذ بالله! مع أن الحق أبلج، وأوضح ما يكون - نسأل الله الهداية -.
قال الله تعالى:{بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ}، قوله:{بَلْ} هنا للإضراب الإبطالي، يعني: بل ليس في قلوبهم غلاف، وليست قلوبهم غلفًا، ولكن {طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} لأن الأصل الفطرة، والفطرة دين الإِسلام، وما يرد عليها مما لا يوصل الحق إلى القلب فهو وارد، وليس أصليًا فيها، فكأن الله كذبهم، وقال: إن القلوب ليست غلفًا، ولكن طبع عليها - بعد أن كانت على الفطرة - بكفرهم.
وقوله:{طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ} أي: جعل عليها طابعًا، والشيء المختوم يجعل عليه طابع يطبع عليه، يعني: بمعنى الختم.
وقوله:{بِكُفْرِهِمْ} الباء للسببية؛ أي: بسبب كفرهم طبع على قلوبهم فلا يصل إليها الخير.
ولهذا قال:{فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا}، اختلف العلماء في قوله:{إِلَّا قَلِيلًا} فقيل: إن المعنى لا يؤمنون أبدًا، وأن مثل هذا التعبير جارٍ في لسان العرب، فهو نفي للكل، وقيل: المعنى: إلا قليلًا منهم، فيكون الإستثناء من الواو، في قوله:{فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} منهم، وعلى هذا فينقسمون إلى قسمين: مؤمن وهو الأقل، وكافر وهو الأكثر، وقيل:{إِلَّا قَلِيلًا} يعود على الإيمان أي: لا يؤمنون إلا إيمانًا قليلًا، ثم هل المعنى {إِلَّا قَلِيلًا} أي: إلا ضعيفًا، أو {إِلَّا قَلِيلًا} في الزمن، بمعنى: أن أكثر وقتهم الكفر، وقد ينقدح الإيمان في قلوبهم ولكن سرعان ما