للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أهل العلم: إن الله تعالى لو قال لها: كوني بردًا فقط لهلك من البرد، الله أكبر! لكن قال: {بَرْدًا وَسَلَامًا} لئلا تهلكه من البرد، فكانت {بَرْدًا وَسَلَامًا} عليه.

إذًا نحن نقول: إن الأسباب مؤثرة بما أودع الله فيها من القوى المؤثرة لا بنفسها، وحينئذ لم نشرك، وإنما قلنا بما تقتضيه ربوبية الله وحكمة الله، ربوبية الله بالتأثير، وحكمة الله بقرن المسبب بسببه، وهذا هو الحق، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة.

١١ - أن نقض الميثاق سبب للعنة الله عزّ وجل؛ لأن الآية على تقدير محذوف وهو: "لعنَّاهم".

١٢ - أن هؤلاء احتجوا بقدر الله على شرعه، حيث قالوا: {قُلُوبُنَا غُلْفٌ} فأبطل الله ذلك، فيترتب على هذا: أن كل من احتج بالقدر على الشرع فحجته داحضة، وقد أبطل الله هذا في قوله: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا} [الأنعام: ١٤٨]، ولو كانت حجتهم صحيحة مقبولة ما أذاقهم الله بأسه.

فإن قال قائل: أليس الله تعالى قد قال في آيةً أخرى: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} [الأنعام: ١٠٧] فكيف ينفي احتجاجهم بأن شركهم بمشيئة الله، ثم يثبت أن شركهم بمشيئة الله؟

الجواب عن هذا: أن يقال: إن الله سبحانه قال ذلك لنبيه: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا} تسليةً له، وليس إقرارًا لهم على شركهم، ولكن ليسلي النبي - صلى الله عليه وسلم -، حتى إذا تبين له أن شركهم كان بمشيئة الله

<<  <  ج: ص:  >  >>