للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رئيسهم وكبيرهم المدّعي للرّبوبيّة فقتله، وهزم جنده من اليهود فلا يجدون يومئذٍ مهربًا.

والوجه الثاني: يحتمل أن يكون إنزاله لدنوّ أجله، لا لقتال الدجّال، لأنَّه لا ينبغي لمخلوق من التراب أن يموت في السماء، لكن أمره يجري على ما قال (٩) الله تعالى: {مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى}، فينزله الله تعالى ليقرّه في الأرض مدّة يراه فيها من يقرب منه ويسمع به من نأى عنه ثمّ يقبضه، فيتولّى المؤمنون أمره ويصلِّي عليه ويدفن كما دفن الأنبياء وينشر إذا نشر معهم، هذا سبب إنزاله، غير أنَّه يتَّفق في تلك الأيام (من خروج الدجّال باب لُدّ ما وردت به الأخبار) (٢)، فإذا اتّفق ذلك وكان الدجّال قد بلغ من فتنته أن ادّعى الربوبيّة ولم ينتصب لقتاله أحد من المؤمنين لقلّتهم، كان هو أحق بالتوجّه إليه ويجري قتله على يديه، فعلى هذا الوجه يكون الأمر بإنزاله لأنَّه ينزل لقتال الدجّال قصدًا.

والوجه الثَّالث: أنَّه وجد في الإنجيل فضل أمّة محمد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فدعى الله أن يجعله منهم فاستجاب دعاءه ورفعه إلى السَّماء إلى أن ينزل آخو الزمان، مجدّدًا لما درس من دين الإسلام دين محمّد - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فيوافق خروج الدجال فيقتله، ولا يبعد عن هذا أن يقال إن قتاله الدجّال يجوز أن يكون من حيث إنَّه إذا حصل بين ظهراني الناس (٣) وهم مفتونون قد عمَّ فرض الجهاد وأعيانهم، وهو أحدهم، لزمه من هذا الفرض ما يلزم غيره فلذلك يقوم به، وذلك داخل في اتباع نبينا - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. انتهى.

(بين ممصّرتين) قال في النهاية: الممصّرة من الثياب التي فيها صفرة خفيفة.


(١) في ب: "قاله".
(٢) في التذكرة للقرطبي: "من بلوغ الدّجال باب لدّ، هذا ما وردت به الأخبار".
(٣) في ب: "المسلمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>