وأما بيع الأصنام فإنه فاسد ما دامت صُوَرا مُصوّرة , فإذا طُمِست صُورها , ومُحِقَت , فإن بيع أجزائها , أو أصولها المعمولة منها , فِضّة كانت , أو حديدا , أو خَشَبا , أو مَدَرا , جائز. ويدخل في النّهي عنه كل صورة مصوّرة في رَقّ , أو قِرطاس , أو نحوهما , مما يكون المقصود منه الصورة , وكان الظَّرف تَبَعا له. فأما الصور المصورة في الأواني , والقِصاع , فإنها تَبَع لتلك الظروف , بمنزلة الصور المصوّرة على جُدُر البيوت , وفي السُّقوف , وفي الأنماط , والسُّتور , فالبيع فيها لا يفسُد , وفي معناها الدراهم الشَّاهِيَّة التي فيها الصور والتماثيل.
وفيه: دليل على أنّ كل شيء لا يُنتفع به , ولا يُستعمل إلا في اللهو , كالطّنابير , والمَزامير , والطُّبول , التي تُتّخذ للهو , وما أشبهها من المُحرّم , فإذا حُلَّت عنها أوتارها , وغُيِّرَت عن هيئاتها , فكان مما يُنتفع بها في المُباح على حال , جاز بيعها.
وأما قوله: في شحوم الميْتة: " لا هو حرام " , فإنّ النَّهي والتحريم , إنّما ينصرفان في ذلك إلى البيع , دون الاستمتاع بها , وعلى هذا قول أكثر العلماء , فلو وقعت فأرة في جَرَّة من دُهْن , أو خابِية من سَمْن , أو زيت , لم يَجُز بيعه , وجاز الانتفاع به في تدهين جِلد , واستِصباح , ونحوه , ويُتوَقّى أن يَمَسَّ الأيدي والثياب , فإن مَسَّ شيئا لم يَجُز أن يُصلِّي فيه حتى يُغْسَل ويُنَظَّف , ولا أعلم خِلافا في أن من ماتت له دابة , كان له أن يُطْعِم لحمها كِلابه وبُزاته إن شاء ذك , فكذلك الدُّهن النّجس.