نص على كل حادثة من الحوادث وكفى الناس مؤونة الاجتهاد والاستنباط لماتت الخواطر وتبلدت الأفهام وسقطت فضيلة العلماء، فأمر بين غير خاف.
وأيضا فلو جاء التوقيف في كل حادثة تحدث إلى آخر الدهر لاشتد حفظه ولامتنع على الناس ضبطه ولأدى ذلك إلى الضيق والحرج ولكان غايته العجز عما أمروا به لتعذر حصره والعجز عن حفظه وضبطه.
فأما قول القائل: لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق عذابا لأنه ضده، فهذا قول لم يصدر عن نظر وروية، وقد وجدت هذا الكلام لرجلين اعترضا به على الحديث: أحدهما:- مغموص عليه في دينه وهو عمرو بن بحر الذي يعرف بالجاحظ والآخر: معروف بالسخف والخلاعة في مذهبه وهو (إسحاق بن إبراهيم الموصلي)، فإنه لما وضع كتابه في الأغاني وأمعن في تلك الأباطيل ل يرض بما تزوده من إثمها حتى صدَّر كتابه بذم أصحاب الحديث