وأما قوله:(أنا النبي لا كذب)، فقد كان يرويه بعض العلماء: أنا النبي لا كذب- بنصب الباء- ومتابعة الإعراب فيه، وذلك يخرجه عن وزن الشعر، ويكفي مؤنة التأويل له.
وقد يسأل فيقال: كيف رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذا القول، وقد نهى عن الاعتزاء والافتخار بالآباء، وأبطل مذاهب الجاهلية في ذلك، وقد يتأول هذا على وجهين:
أحدهما: أنه إنما أشار بهذا القول إلى رؤيا كان رآها عبد المطلب. فأخبر بها قريشا، فعبرت أن سيكون له ولد يسود الناس ويملكهم، ويهلك أعداؤه على يده، وكان أمر تلك الرؤيا مشهورا في قريش، فغنما أذكرهم النبي، صلى الله عليه وسلم، بقوله:(أنا ابن عبد المطلب)، أمر تلك الرؤيا لتقى بذلك منة من كان قد انهزم من أصحابه فيرجعوا واثقين بأن سيكون الظفر في العاقبة له. ويقال: إنه إنما أشار بذلك إلى خبر، كان متناقلا على وجه الزمان، أخبر به سيف بن ذي يزن عبد المطلب وقت وفادته