وأما قوله:"لا يتحدَّث / الناس أنه يقتل أصحابه ",فإن في هذا الكلام باباً عظيماً من سياسة أمر الدّين والنظر في عواقب أموره وذلك أن الناس إنما يدخلون في الدين ظاهراً ولا سبيل إلى معرفة ما في نفوسهم ,فلو عُوقب المنافق على باطن كفره وظاهر حالة الإسلام لوجد أعداء الدين سبيلاً إلى تنفير الناس عن الدخول فيه والقبول له بأن يقولوا لإخوانهم وذويهم, مايؤمنكم إذا دخلتم في دين هذا النبي وحُصِّلتم في كفِّه وأنتم مؤمنون به ومخلصون له أن يدَّعي عليكم كفر الباطن وجحد السريرة وأن يقول لكم: قد أًوحي إليَّ في أمركم وجاءني الخبر عن سرِّكم أنكم منافقون, فيستبيح بذلك دماءكم وأموالكم, فلا تُغرِّروا بأنفسكم ولا تُسلّموها للهلاك , فيكون ذلك سبباً لنفور الناس عن الدين وزهادتهم فيه.