الله عليه وسلم قوله: كُلُّ شراب أسكر فهو حرام, فأشار إلى الجنس بالاسم العام والنعت الخاص الذي هو علة الحُكم, فكان ذلك حجّةً على المختلفين, ولو لزم ما ذهب إليه هذا القائل للزم مثله في الربا والصرف ونكاح المتعة لأن الأمة قد اختلفت فيها.
فلو قال قائل: كان الرِّبا مباحًا قبل أن يحرم, فلما حرم نظرنا إلى ما أجمعوا عليه, فحرمناه وأبحنا ما اختلفوا فيه, فلا بأس بالدرهم والدرهمين يدًا بيد, وإنما يحرم منه ما يكون غائبًا بناجز, وكذلك الأمر في المتعة, فلما لم يلزم هذا وكان الحُكم لما ورد به التحريم في الفضة بالفضة إلا مِثلاً بمثل, يدًا بيد, ولما ثبت من تحريم المتعة ولم يلتفت إلى ما سوى ذلك كان الأمر كذلك في اختلافهم في الأشربة لما قال صلى الله عليه وسلم: كل شراب أسكر فهو حرام, وما أسكر كثيره فقليله حرام وكل مسكر خمر في عدَّة أحاديث لانشك في ثبوتها لم يلتفت إلى الاختلاف ولم يُعتد به, وليس الاختلاف حُجّةً. وبيان السُّنة حجة على المختلفين من الأولين والآخرين.