إنما كان يكفيك أن تصنع هكذا، وضرب بكفه ضربة على الأرض، ثم نفضها، ثم مسح بها ظهر كفه بشماله أو ظهر شماله بكفه، ثم مسح بها وجهه. فقال عبد الله: أفلم تر عمر لم يقنع بقول عمار؟ (وزاد يعلى عن الأعمش عن شقيق: كنت مع عبد الله وأبي موسى فقال أبو موسى ألم تسمع قول عمار) لعمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني أنا وأنت فأجنبت فتمعكت بالصعيد، فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه فقال: إنما كان يكفيك هكذا، ومسح وجهه وكفيه واحدة.
قلت: فإن قيل: قول أبي موسى: فكيف تصنعون بهذه الآية في سورة المائدة: {فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا}.
وقول عبد الله: لو رخص لهم في هذا لأوشكوا إذا برد عليهم الماء أن يتيمموا الصعيد، ثم قول أبي موسى عند ذلك: فإنما كرهتم هذا لذا؟ فقال: نعم، مناظرة الظاهر منها يأتي على إبطال حكم الآية، وأي عذر لمن ترك العمل بما في هذه الآية من أجل أن بعض الناس عساه أن يستعملها على غير وجهها وفي غير حينها، وأن الذي يتعمد استحلال ذلك لعله قد يستحل أن يترك الصلاة أصلا، فما موجب الآية وحكمها؟ وما الوجه فيما ذهب إليه عبد الله من إبطال هذه الرخصة مع ما فيه من إسقاط الصلاة عمن هو مخاطب بها مأمور بإقامتها؟