الكتاب من قبلكم مثل رجل استأجر أجراء فقال: من يعمل من صلاة الصبح إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ ألا فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط؟ ألا فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل من صلاة العصر إلى (مغيربان) الشمس على قيراطين قيراطين؟ ألا فعملتم أنتم. قال: فغضبت اليهود والنصارى وقالوا: ما لنا أكثر عملا وأقل عطاء. فقال: هل ظلمتكم من حقكم شيئا؟ قالوا: لا. قال: فإنما هو فضلي أوتيه من أشاء.
قلت: وهذا في الظاهر خلاف ما تقدم؛ لأن في هذا قطع الأجرة لكل فريق منهم قيراطا قيراطا، وتوقيت العمل عليهم زمانا واستيفاؤه منهم وإيفاؤهم الأجرة، وفيه قطع الخصومة وزوال العتب عنهم وإبراؤهم من الذنب، وهذا الحديث مختصر وإنما اكتفى الراوي منه بذكر مآل العاقبة فيما أصاب كل واحد من الفرق من الأجرة ومبلغها دون ذكر الأحوال المذكورة في الروايتين الأوليين من ذكر عجزهم عن العمل.