الائتساء به فيها، وكان أصحابه إذا رأوه يواظب على فعل في وقت معلوم من الليل أو النهار حتى يتكرر ذلك منه، يقتدون به ويرونه واجبا، فترك صلى الله عليه وسلم الخروج إليهم في الليلة الرابعة، وترك الصلاة فيها لئلا يدخل ذلك الفعل منه في حد الواجبات المكتوبة عليهم من طريق الأمر بالاقتداء به.
والزيادة إنما يتصل وجوبها عليهم من جهة وجوب الاقتداء بأفعال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا من جهة إنشاء فرض مستأنف زائد على الخمس، وهذا كما يوجب الرجل على نفسه صلاة نذر فتجب عليه، ولا يدل ذلك على زيادة جملة الشرع المفروض في الأصل.
وفيه وجه آخر: وهو أن الله سبحانه فرض الصلاة أول ما فرضها خمسين، ثم إنه شفع رسوله صلى الله عليه وسلم فحط معظمها وجعل عزائمها خمسا تخفيفا عن أمته من أجل شفاعته ومسألته، فإذا عادت الأمة فيما استوهبت والتزمت ما كانت استعفت منه وتبرعت بالعمل به لم يستنكر أن يثبت فرضا عليهم، وقد ذكر الله سبحانه عن فريق من النصارى أنهم ابتدعوا رهبانية ونسكا ما كتبها الله عليهم، ثم لما قصروا فيها لحقهم اللائمة في قولهم:{فما رعوها حق رعايتها}، فأشفق صلى الله عليه وسلم أن يكون سبيلهم سبيل أولئك، فقطع العمل به تخفيفا عن أمته، والله أعلم.