وقوله: ما سكت عنه فهو عفو ليس في حق العموم والشمول على ما يذهبون إليه، وإنما هو في نوع خاص من الأشياء دون نوع، وهو كل شيء كان لهم فيه عادة جارية من حوائج الأطعمة والأشربة وما أشبههما، فما نص عليه منهما بالتحليل أو التحريم فهو البيان الشافي الذي لا يبقى في النفوس معه ريب، وما سكت عن ذكره فهو معفو لهم عنه، متروك على ما جرت به عاداتهم، وذلك كما روي عن (تلب) العنبري قال: صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فما سمعت منه لحشرات الأرض تحريما، يعني الضب ونحوه من الحشرات، يريد أنه صلى الله عليه وسلم قد كان يعرف من عاداتهم أنهم يأكلونها فلم يعرض لها بتحريم فكان سبيله العفو المعقول منه الإباحة، فأما ما لم يتقدم للقوم فيه عادة من