وسلم أن الذي كانوا يتوهمونه من ذلك باطل، وأن خسوف الشمس والقمر آيتان من آيات الله تعالى يريهما خلقه ليعلموا أنهما خلقان مسخران لله عز وجل ليس لهما سلطان في غيرهما، ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما. وأنهما لا يستحقان أن يعبدا، فيتخذا إلهين، وهو معنى قوله عز وجل:{ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون}، وأمر عند كسوفها أن يُفزع إلى الصلاة والسجود لله الذي يستحق العبادة والسجود دونهما، إبطالا لقول الجهال الذين يعبدونهما، وإفسادا لمذاهبهم في عبادتها، والله أعلن [أعلم]. وقد يحتمل أن يكون المعنى في الأمر الصلاة عند الكسوف الفزع إلى الله عز وجل، والتضرع له في دفع الضرر والآفات التي تتوهمها الأنفس، وتتحدث بها الخواطر تحقيقا لإضافة الحوادث كلها إلى الله تعالى، ونفيا لها عن الشمس والقمر، وإبطالا لأحكامها والله أعلم.
وقد قيل فيه وجه ثالث: وهو أنهما آيتان من آيات الله الدالة على قرب زمان الساعة وأمارتان من أماراتها وأشراطها المتقدمة لها كما قد قال مخبرا عن خسوفهما في القيامة: {فإذا برق البصر وخسف القمر وجمع الشمس والقمر} وقد يكون ذلك أيضا أنه يخوف بهما