قلت: والرواية (إذا ثبتت) لم يمكن إلى دفعها سبيل بالظن، وقد رواه ثلاثة أنفس عن النبي صلى الله عليه وسلم عمر وابن عمر والمغيرة، وليس فيما حكت عائشة من مرور رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية يبكي عليها أهلها ما يدفع رواية عمر والمغيرة لجواز أن يكون الخبران صحيحين معا، وكل واحد منهما غير الآخر، فأما احتجاج عائشة بقول الله تعالى:{ولا تزر وازرة وزر أخرى} فقد حكوا عنهم أنهم كانوا يوصون أهليهم بالبكاء والنوح عليهم، وقد كان ذلك مشهورا من مذاهبهم، وهو موجود في أشعارهم، وقد ذكرنا طرفا من ذلك في كتاب المعالم، فالميت إنما تلزمه العقوبة بما تقدم من أمره في ذلك ووصيته إليهم به. وقد قال صلى الله عليه وسلم: من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرُها ووزر من عمل بها.