وهذا القول من رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما خرج على سبيل الإنذار للمرء المسلم، والتحذير له أن يعتاد هذه الخصال، شفقا أن تفضي به إلى النفاق، وليس المعنى أن من بدرت منه هذه الخلال، وكان ما يفعل منها على غير وجه الاختيار والاعتياد له أنه منافق، وقد جاء في الحديث أن التاجر فاجر، وجاء أيضا أن أكثر منافقي أمتي قراؤها، وإنما هو على معنى التحذير من الكذب في البيع، وهو معنى الفجور، إذ كانت الباعة قد يكثر منهم التزيد والكذب في مدح المتاع، وربما كذبوا في الشراء ونحوه، ولا يوجب ذلك أن يكون التجار كلهم فجارا، وكذلك القراء قد يكون من بعضهم قلة الإخلاص في العمل والتبرؤ من الرياء والسمعة، ولا يوجب ذلك أن يكون من فعل شيئا من ذلك من غير اعتياد له منافقا.