أحدهما: أن يراد به حكاية أقاويل الناس، وأحاديثهم، والبحث عنها، والتتبع لها، فتنمي عليهم، فيقال: قال فلان كذا، وقيل لفلان كذا، مما لا يغني ولا يجدي خيرا، إنما هو الولوع بها، والشغف بذكرها، وهو من باب التجسس المنهي عنه، وقد يتأول أيضا على ما كان منه في أمر الدين فيقول: قيل فيه كذا، وقال فلان كذا، لا يرجع فيه إلى ثبت يقين، لكن يقلد ما يسمعه، ولا يحتاط لموضع اختياره من تلك الأقاويل والمذاهب، فلا يعتقد صحتها بحجة وبيان.
وأما كثرة السؤال، فإنه يدخل فيها أمور: منها سؤال الناس أموالهم، والتعرض لما في أيديهم، والاستكثار منه على مذهب الشره والجشع، وترك الاقتصار منه على قدر الحاجة في حال الضرورة. ومنها أن يكون ذلك في سؤال المرء عما نهي عنه من متشابه أور الدين التي قد تعبدنا بالظاهر منها، فلا يعرف عللها على مذاهب أهل الزيغ والتشكك، وبغاة الفتنة الذين وصفهم الله في قوله عز وجل:{فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله}.
ومنها ما كانوا يسألون عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -