للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلتُ: قوله، صلى الله عليه وسلم: " انقُضي رأسَكِ، وامتَشِطي وأَهلِّي بالحَج، ودَعي العُمرةَ " معناهُ مُشكل جِدَّاً، وكان الشافعيُّ يتأوَّلُهُ على أنَّهُ إنَّما أَمرَها بأن تدَعَ عَمَلَ العُمرةِ، وتدخِلَ عليها الحَجَّ، فتكونَ قارنةً، لا أنْ تَدَع العُمرةِ نَفسها، إلا أنَّ قولهُ: " انقضي رأسَكِ وامتشَطي "، لا يُشاكلُ هذه القضية، وقد رَوى بعضُ أهل العلمِ بإسنادٍ له أنّه كانَ مَذهَبُها أنَّ المعتمر إذا دخل مكة كانَ له أنْ يستبيحَ ما يستَبيحُهُ المُحرمُ إذا رَمى جمرةَ العَقبةِ، وهذا شيءٌ لم يُحكَ عن أحَدٍ سواها، ولا يكادُ يُعلمُ وجهُهُ، وكان الشافعيُّ، رحمُ الله، يتأوَّلُ أيضاً أنَ عُمرتَها من التنعيم غيرُ واجبةٍ، لدخولهَا في عقدِ الإحرامِ بالحَجِّ، وإنما أراد النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، تَطييبَ نفسهَا بذلك، حين قالت له: " ما بَال نِسائك ينصَرفنَ، بعُمرةٍ، وأنصَرفُ بلا عُمرةٍ "، وظَاهرُ قولِه، صلى الله عليه وسلم: " دعي عُمرتَكِ، وانقضي رأسَكِ، وامتشطي: ثم قولِه لها: " هذه مكانَ عُمرتكِ " يوهِنُ ما تأَوَّلهُ الشافعيُّ، والأمر في ذلكَ مُشكلٌ جداً، إلا أن يتأوَّله مُتأوِّلٌ على الترخيصِ في فسخِ العُمرةِ، كما أذنَ لأصحَابهِ في فسخِ الحجِّ، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>