للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكون مرفوعًا على أنه خبر ابتداء محذوف؛ أي: هذا تَنْزِيلُ الكتابِ، ويجوز أن يكون مرفوعا على أنه خَبَرٌ بعد خَبَرٍ (١).

ثم أخبر بما يَدُلُّ على قدرته فقال تعالى: {إِنَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ}؛ يعني: في خلقهما دليلٌ على وحدانية اللَّه تعالى؛ لأنه رَفَعَ السماواتِ بغير عَلَاقةٍ، وبَسَطَ الأرضَ على غَيْرِ عَمَدٍ، وجعل فيها رَواسِيَ لِئَلّا تَمِيدَ بهم الأرضُ، فَجَعَلَها لَهُم ذَلُولًا، وأخْرَجَ منها مَعايِشَهُمْ، ففي ذلك دليلٌ لَهُمْ على أنه الإلهُ الذي لا إلَهَ غيْرُهُ (٢).

قوله: {وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٤)} أنه لا إله غيره، قرأ حمزة والكسائي ويعقوب والأعمش: {آياتٍ} وبكسر التاء، وكذلك التي بعدها في قوله تعالى: {وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ آيَاتٌ (٥)}، وهي في موضع نصبٍ، نَسَقًا على قوله: {لَآيَاتٍ} (٣)،


(١) هذه الأوجه الإعرابية قالها النحاس في إعراب القرآن ٤/ ١٣٩، وينظر أيضًا: الفريد للمنتجب الهمدانِيِّ ٤/ ٢٧٩، وينظر ما سبق في أول سورة فصلت ٢/ ٤٠٠.
(٢) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٨/ أ.
(٣) والمبرد لا يجيز قراءة النصب، بل إنه حكم عليها بأنها لحن؛ لأن فيها عَطْفًا على مَعْمُوليْ عامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وهما "إنّ" و"في"، ينظر: المقتضب ٤/ ١٩٥، الكامل ١/ ٢٨٧، ٣/ ٩٩. والعطف على مَعْمُولَي عامِلَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ أباهُ سيبويه وأكثر النحويين، وأجازه الأخفش فيما حكاه عنه المبرد في الكامل ٣/ ٩٩.
وقد خَرَّجَ ابنُ خالَوَيْهِ قراءةَ النصب على أن {آيات} الثانية بَدَلٌ من {آياتٍ} الأولى، وخَرَّجَهُ الفارسي على أحد وجهين، الأول: على تقدير حذف حرف الجَرِّ في {آياتٍ} الثانيةِ والثالثةِ؛ لأنه تقدم في قوله: "لآياتٍ لِلْمُؤْمِنِينَ"، والتقدير: لآياتٍ لِقَوْمٍ يوقنونَ، ولآياتٍ لقوم يعقلون، فحذفت اللام لتقدمها في الأولى، والوجه الثانِي: أن يجعل {واخْتِلَافِ اللَّيْلِ} معطوفًا على قوله: {في السَّماواتِ}، ويكون {آياتٍ} مُكَرَّرًا لَمّا طال الكلام على سبيل التوكيد. ينظر: الحجة للفارسي ٣/ ٣٩٠، ٣٩١، وينظر أيضًا: إعراب القرآن للنحاس ٤/ ١٤٠ - ١٤١، إعراب القراءات السبع ٢/ ٣١١ - ٣١٢، معانِي القراءات للأزهري ٢/ ٣٧٥، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٩٣: ٢٩٥، البيان للأنباري ٢/ ٣٦٣، ٣٦٤، =

<<  <  ج: ص:  >  >>