للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا} يعني: تسير فِي منازلها حتى تنتهي إلى آخر مسيرها الذي لا تجاوزه، ثم ترجع إلى أول منازلها، ورُوِيَ عن ابن عبّاسٍ وابن مسعودٍ أنهما كانا يقرآن: "والشَّمْسُ تَجْرِي لا مُسْتَقَرَّ لَها" (١)؛ أي: لا قَرارَ لَها، فهي جاريةٌ أبدًا {ذَلِكَ} الذي ذكر من أمر الليل والنهار والشمس والقمر {تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ} فِي ملكه {الْعَلِيمِ (٣٨)} الذي فعل هذا لا يخفى عليه شيءٌ.

فصْلٌ

عن أبِي ذَرٍّ رضي اللَّه عنه قال: قال النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لِي حين غربت الشمس: "أتدري أين تذهب؟ " قلت: اللَّه ورسوله أعلم، قال: "فإنّها تذهب حتى تسجد تحت العرش، فتستأذن فَيُؤْذَنُ لها، ويُوشَكُ أن تَسْجُدَ فلا يُقْبَل منها، وتَسْتَأْذِنَ فلا يُؤْذَنُ لَها، ويُقالُ لَها: ارْجِعِي مِنْ حَيْثُ جِئْتِ، فَتَطْلُعُ مِنْ مَغْرِبِها، فذلك قوله عَزَّ وَجَلَّ: {وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (٢). رواه البخاري بإسناده عن إبراهيم التَّيْمِيِّ (٣) عن أبيه عن أبِي ذَرٍّ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-.


(١) وهي قراءة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعكرمة وعطاء بن أبِي رباح وأبي جعفر الباقر وجعفر بن محمد وعَلِيِّ ابن الحسين وابن أبِي عبدة، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٢٧، المحتسب ٢/ ٢١٢، تفسير القرطبي ١٥/ ٢٨، البحر المحيط ٧/ ٣٢١.
(٢) البخاري ٤/ ٧٥ كتاب بدء الخلق: باب صفة الشمس والقمر، ٦/ ٢٩ كتاب تفسير القرآن: سورة يس.
(٣) هو إبراهيم بن يزيد بن شريك التيمي، الإمام القدوة الفقيه، عابد الكوفة، حَدَّثَ عن أبيه والأعمش، كان شابًّا صالحًا قانتًا فقيهًا كبير القَدْرِ، رَوَى له الستة، توفي سنة (٩٢ هـ)، وقيل: (٩٤ هـ) في سجن الحجاج ولم يبلغ أربعين سنة، وقيل: قتله الحجاج. [تهذيب الكمال ٢/ ٢٣٢ - ٢٣٣، سير أعلام النبلاء ٥/ ٦٠ - ٦٢].

<<  <  ج: ص:  >  >>