للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ما جاء فيها من الإعراب]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {تَنْزِيلُ الْكِتَابِ} يعني القرآن {مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} في ملكه {الْحَكِيمِ (١)} في أمْرِهِ، قال الفراء (١): معناه: هذا تَنْزِيلُ الكتاب، وإن شئتَ رَفَعْتَهُ بـ "مِنْ" تقديره: مِنَ اللّهِ تَنْزيلُ الكتاب. وإن شَئتَ جعلته ابتداءً وخبره فيما بعده، وهو قوله: {مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ} (٢)، وأجاز الفراء والكسائيُّ: "تَنْزِيلَ" بالنصب (٣) على أنه مفعولٌ، قال الكسائيُّ (٤): معناه: اتَّبعُوا أو اقْرَؤوا تَنْزِيلَ الكتابِ، وقال الفراء (٥): على الإغراء مثل: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} (٦)؛ أي: الْزَمُوا، وهو مصدرٌ مضافٌ إلى المفعول أو بمعنًى "مُنْزَلُ" أُضِيفَ إلى مَوْصُوفِهِ لاختلافِ اللفظينِ.

قوله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ}؛ أي: للحق {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ (٢)} مُوَحِّدًا له، لا تُشْرِكُ به شَيْئًا، والإخلاص: أن يَقْصِدَ العبدُ بنِيَّتِهِ وعَمَلِهِ إلى خالقه، لا يجعل ذلك لِعَرَضِ الدُّنْيا، والإخلاص فِي كلام العرَب:


(١) معانِي القرآن ٢/ ٤١٤.
(٢) قاله الزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٤/ ٣٤٣، إعراب القرآن ٤/ ٣، وينظر أيضًا: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٥٧.
(٣) وقد قرأ بالنصب عيسى بنُ عمر وابنُ أبِي عبلة وزيدُ بنُ عليٍّ، ينظر: مختصر ابن خالويه ص ١٣١، البحر المحيط ٧/ ٣٩٧.
(٤) ينظر قول الكسائي في إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٣، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٥٧.
(٥) قال الفراء: "ولو نَصَبْتَهُ وأنتَ تأمر بِاتِّباعِهِ ولُزُومِهِ، كان صوابا، كما قال اللَّه: "كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ"؛ أي: الْزَمُوا كِتابَ اللَّهِ". معاني القرآن ٢/ ٤١٤.
(٦) النساء ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>