للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعنى الآية: جِيئا بما خَلَقْتُ فيكما من المنافع، وأخرجاها وأظهراها لِخَلْقِي، قال المفسرون (١): "إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قال للسماء: أمّا أنْتِ يا سَماءُ فأطْلِعِي شَمْسَكِ وقَمَرَكِ ونُجُومَكِ، وأما أنْتِ يا أرْضُ! فَشَقِّقِي أنْهارَكِ، وأخْرِجِي ثِمارَكِ ونَباتَكِ، وقال لَهُما: افعلا ما آمُرُكُما به طَوْعًا، وإلا ألْجَأْتُكُما إلَى ذلك حتى تفعلاه كرها، {قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ}، وهو منصوبٌ على الحال.

فصْلٌ

رُوِيَ في بعض الأخبار أن بعض الأنبياء -عليهم السلام- قال: "يا رَبِّ! لو أن السماوات والأرض حين قلتَ لهما: {ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا} عَصَياكَ، ما كُنْتَ صانِعًا بِهِما؟ قال: كنتُ آمُرُ دابّةً من دَوابِّي فتبتلعهما، قال: فأين تلك الدابة؟ قال: فِي مَرْجٍ من مُرُوجِي، قال: فأين ذلك المَرْجُ؟ قال: فِي عِلْمٍ مِنْ عِلْمِي" (٢).

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ}؛ أي: أتَمَّهُنَّ وصَنَعَهُنَّ وأحْكَمَهُنَّ، وفَرَغَ من خلقهن في يومين {وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا}؛ أي: أمَرَ في كل سَماءٍ بِما أراد من الأمر والنهي (٣)، وقيل (٤): خلق فيها شمسها


(١) هذا القول رواه الطبري عن ابن عباس في جامع البيان ٢٤/ ١٢٤، والحاكم في المستدرك ١/ ٢٧ كتاب الإيمان: باب "حُفَّتِ الجنةُ بالمكاره"، وينظر: الكشف والبيان ٨/ ٢٨٧، الوسيط ٤/ ٢٧، تفسير القرطبي ١٥/ ٣٤٣، الدر المنثور ٥/ ٣٦١.
(٢) هذا النَّبِيُّ هو موسى عليه السلام، وينظر هذا الحديث في الكشف والبيان ٨/ ٢٨٧، تفسير القرطبي ١٥/ ٣٤٤، روح البيان للبروسوي ٨/ ٢٣٦.
(٣) هذا قول مجاهد ومقاتل، ينظر: جامع البيان ٢٤/ ١٢٥، الكشف والبيان ٨/ ٢٨٨، الوسيط ٤/ ٢٧.
(٤) هذا قول ابن عباس وقتادة والسُّدِّيِّ، ينظر: الكشف والبيان ٨/ ٢٨٨، الوسيط ٤/ ٢٧، تفسير القرطبي ١٥/ ٣٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>