للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ} يعني يوم القيامة {كَانَ مِيقَاتًا (١٧)} يعني: مِيعادًا يُقْضَى فيه بين الخَلَائِقِ، ثم أخْبَرَ عن ذلك اليومِ، فقال: {يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا (١٨) أي: جماعات، واحدها فَوْجٌ، وقيل: زُمَرًا زُمَرًا من كل مكان للحساب والثواب والعقاب، و {يَوْمَ} منصوب على البدل من الأول، وإن شئت على الظرف، و {أَفْوَاجًا} منصوب على الحال.

[فصل]

رُوِيَ أن إسْرافِيلَ عليه السّلام يَنفخ في الصُّورِ -وهو القَرْنُ- فيقول: أيَّتُها العِظامُ البالِيةُ، وَأيَّتُها العُرُوقُ المُتَقَطِّعةُ، وَأيَّتُها اللُّحُومُ المُتَمَزِّقةُ، وَأيَّتُها الشُّعُورُ السّاقِطةُ، اجْتَمِعِي لأنْفُخَ فِيكِ أرْواحَكِ ويُجازِيكِ رَبُّكِ بأعْمالِكِ، ويُدِيمُ المَلَكُ الصَّوْتَ، فتجتمع الأرواحُ كُلُّها في القَرْنِ، والقَرْنُ طُوَلُهُ كَطُولِ السماوات والأرض، وَعَرْضُهُ كَعَرْضِ السماوات والأرض، فتخرج أرْواحُهُمْ كالنَّحْلِ سُودٌ وَبِيضٌ وَشَقِيُّ وَسَعِيدٌ، فتهبط أرواح المؤمنين بيضاءَ كأمثال النحل من السماء العليا إلَى وادٍ بدِمَشْقَ يقال له: الجابيةُ (١)، وهو خَيْرُ وادٍ في الأرض، وتخرج أرواح الكفارَ من الأرض السُّفْلَى سُودًا مثل الدَّبَى (٢) إلَى وادٍ بِحَضْرَمَوْتَ يقال له: بَرَهُوتٌ (٣)، وهو شَرُّ وادٍ في الأرض، فكل رُوحٍ


(١) ينظر: معجم البلدان ٢/ ٩١، ٩٢، معجم ما استعجم ٢/ ٣٥٥.
(٢) قال الأزهري: "أبو عبيد عن أبِي عبيدة: الجَرادُ أوَّلَ ما يكون فهو سِرْوٌ وهو أبيض، فإذا تَحَرَّكَ واسْوَدَّ فهو دَبًى قبلَ أن تَنْبُتَ أجْنِحَتُهُ". تهذيب اللغة ١٤/ ٢٠١، ٢٠٢، وينظر أيضًا: اللسان: دبي.
(٣) بَرَهُوتٌ بفتح الباء والراء، ويقال: بُرْهُوتٌ بضم الباء وسكون الراء، ينظر: معجم البلدان ١/ ٤٠٥، معجم ما استعجم ١/ ٢٤٦، النهاية لابن الأثير ١/ ١٢١ - ١٢٢، اللسان: بره، برهت، التاج: برهت.

<<  <  ج: ص:  >  >>