للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

رُوِيَ عن خالد بن مَعْدانَ (١) أنه قال: "ما من الناس أحد إلّا وله أربع (٢) أعين: عينان في وجهه لِدُنْياهُ ومَعِيشَتِهِ، وعينان في قلبه لِدِينِهِ وما وَعَدَ اللَّهُ من الغيب، وما من أحد إلّا وله شيطان مُتبَطِّنٌ فَقارَ ظَهْرِهِ (٣)، عاطِفٌ على عاتِقِهِ (٤)، فاغِرٌ فاهُ إلى ثمرة قلبه، فإذا أراد اللَّهُ بعَبْدٍ خَيْرًا أبْصَرَتْ عيناه اللتان في قلبه ما وَعَدَ اللَّهُ من الغيب، فَعَمِلَ به، وإذا أرادَ اللَّهُ بعَبْدٍ شَرًّا طَمَسَ عليهما، فذلك قوله تعالى: {أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} (٥).

ورُوِيَ عن عُرْوةَ بن الزبير أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُقْرِئُ شابًّا من أهل اليمن، فقرأ: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}، فقال الشابُّ: عَلَيْها أقْفالُها، حتى يُفَرِّجَها اللَّهُ، فقال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "صَدَقْتَ" (٦).

قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِمْ} قيل: هم المنافقون، وقيل:


= الأقفال المختصة بها، وهي أقفال الكفر التي استغلقت، فلا تنفتح". الكشاف ٣/ ٥٣٦، وينظر أيضًا: اللباب في علوم الكتاب ١٧/ ٤٥٩.
(١) خالد بن مَعْدانَ بن أبِي كَرِبٍ الكَلَاعِيِّ، أبو عبد اللَّه، تابعيٌّ ثقة من أهل اليمن، وإقامته بحمص، تولى شرطة يزيد بن معاوية، كان إذا أمر الناسَ بالغزو تَقَدَّمَهُمْ، توفِّي سنة (١٠٤ هـ). [تهذيب الكمال ٨/ ١٦٧، الأعلام ٢/ ٢٩٩].
(٢) في الأصل: "أربعة".
(٣) تَبَطَّنَ ظَهْرَهُ: عَلَاهُ. اللسان: بطن.
(٤) في الطبري وغيره: "عاطف عنقه على عاتقه".
(٥) رواه الطبري في جامع البيان ٢٦/ ٧٥، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ٣٦، زاد المسير ٧/ ٤٠٨، كنز العمال ٢/ ٤٢.
(٦) رواه الطبري في جامع البيان ٢٦/ ٧٥، وينظر: الكشف والبيان ٩/ ٣٧، الوسيط ٤/ ١٢٧، تفسير ابن كثير ٤/ ١٩٣، الدر المنثور ٦/ ٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>