للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل]

رُوِيَ عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ أحبَّ لِقاءَ اللَّهِ أحَبَّ اللَّهُ لِقاءَهُ، ومَنْ كَرِهَ لِقاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقاءَهُ"، فاستثنى القَوْمُ يَبْكُونَ، فقال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ما يُبْكِيكُمْ"؟ قالوا: يا رسول اللَّه! ليس مِنّا أحَدٌ إلا وهو يَكْرَهُ المَوْتَ، فقال: "ليس كذلك، إن اللَّه عَزَّ وَجَلَّ قال: "فَأمّا إنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبينَ. فَرَوْحٌ وَريحانٌ وَجَنّةُ نَعِيمٍ قال: عند الموت، فَيُحِبُّ لِقاءَ اللَّهِ، واللَّهُ لِلِقائِهِ أحَبُّ، "وَأمّا إنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضّالِّينَ. فنزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ. وَتَصْلِيةُ جَحِيمٍ"، فَيَكْرَهُ لِقاءَ اللَّهِ، واللَّهُ لِلِقائِهِ أكْرَهُ" (١).

قوله: {إِنَّ هَذَا} يعني: الذي ذُكِرَ من قصة المُحْتَضَرِينَ {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ (٩٥)}؛ أي الحَقُّ اليَقِينُ لا شَكَّ فيه، فأضافه إلى نفسه توكيدًا (٢)، وأصله: حَقُّ الشَّيءِ، أو: حَقُّ الأمْرِ اليَقِينِ، كقولك: عَيْنُ اليَقِينِ ومَحْضُ اليَقِينِ {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (٩٦)} يعني: نَزِّهِ اللَّهَ عن السُّوءِ، والباء صلة زائدة، والاسم يكون بمعنى الذات والنفس، كأنه قيل: فَسَبِّحْ رَبَّكَ العَظِيمَ (٣).


= ص ٧٥، وقال أبو حاتم: "وكل نار مؤنثة". المذكر والمؤنث ص ١٣٩، وينظر أيضًا: المذكر والمؤنث لابن التستري ص ٥٥، ٦٧، ١٠٦، المذكر والمؤنث لابن فارس ص ٥٧.
(١) رواه الإمام أحمد بسنده عن أنس في المسند ٣/ ١٠٧، ٤/ ٢٥٩ - ٢٦٠، وينظر: الوسيط ٤/ ٢٤٣، مجمع الزوائد ٢/ ٣٢١ كتاب الجنائز: باب فيمن أحَبَّ لقاءَ اللَّهِ تعالى.
(٢) المؤلف بهذه العبارة مُؤَيِّدٌ لمذهب الكوفيين في جواز إضافة الشيء لنفسه، والموصوفِ لصفته، ولكنه بما ذكره بعده من تأويله للمعنى بقوله: "وأصله: حَقُّ الشَّيءِ اليَقِينِ أو حَقُّ الأمْرِ اليَقِينِ" ذاهِبٌ مَذْهَبَ البصريين في أن الموصوف لا يُضافُ لصفته، وهم يُؤَوِّلونَ مثل هذا على حذف موصوف كما ذكر المؤلف هنا، وينظر: معانِي القرآن للأخفش ص ٤٩٣، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ١١٨، إعراب القرآن ٤/ ٣٤٨.
(٣) قاله الواحدي والقرطبي، ينظر: الوسيط ٤/ ٢٤٣، الجامع لأحكام القرآن ١٧/ ٢٣٤. =

<<  <  ج: ص:  >  >>