للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعن أبِي سعيد الخُدْرِيِّ أيضًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال: "الصَّعُودُ: جَبَلٌ مِنْ نارٍ، يَتَصَعَّدُ فيه سبعين خَرِيفًا، ثم يَهْوِي فيه كذلك أبَدًا" (١).

وقال الكلبي: هو جبل من صخرةٍ مَلْساءَ في النار، يُكَلَّفُ أن يصعدها، حتى إذا بلغ أعلاها حُدِّرَ إلَى أسفلها، ولَمْ يُتْرَكْ أن يَتَنَفَّسَ، ثم يُكَلَّفُ أيضًا أن يصعدها، فذلك دَأبُهُ أبَدًا، يُجْذَبُ من أمامِهِ بِسَلَاسِلِ الحَدِيدِ، ويُضْرَبُ مِنْ خَلْفِهِ بِمَقامِعِ الحَدِيدِ، فَيَصْعَدُها فِي أربعين سنة (٢).

قوله تعالى: {سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (٢٦)} يعني الوليد أيضًا؛ أي: سأدخله، قيل: هو الباب الخامس من أبواب جهنم، يقال له: سَقَرُ المُهِينةُ، فيها ألوانُ المَهانةِ والهَوانِ، تقول العرب: سَقَرْتُهُ بِلِسانِي؛ أي: أهَنْتُهُ، وهو مفعولٌ ثان، وَلَمْ يصرفه؛ لأنه من أسماء جهنم، وهو اسم لمؤنث، وقيل: لأنه اسم أعجمي، والأول هو الصواب؛ لأن الأعجمي إذا كان على ثلاثة أحرف انصرف، وإن كان متحرك الأوسط، وأيضًا فإنه اسم عَرَبِيى مُشْتَقٌّ، يقال: سَقَرَتْهُ الشَّمْسُ: إذا أحْرَقَتْهُ (٣)، وهو اسم علم لا ينصرف للتعريف والتأنيث، وكذلك جَهَنَّمُ ولَظَى -نعوذ باللَّه تعالى منها-.

[فصل]

عن أبِي هريرة -رضي اللَّه عنه- قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "سَألَ موسى


(١) رواه الترمذي في سننه ٤/ ١٠٤ أبواب صفة جهنم: باب ما جاء في صفة قعر جهنم، ٥/ ١٠١ أبواب تفسير القرآن؟ سورة المدثر، ورواه الحاكم في المستدرك ٤/ ٥٩٦ كتاب الأهوال: باب "وَيْلٌ جَبَلٌ فِي جهنم".
(٢) هذا القول حُكِيَ عن عكرمة وعن الضحاك أيضًا، ينظر: الوسيط ٤/ ٣٨٢، مجمع البيان ١٠/ ١٨٠، زاد المسير ٨/ ٤٠٦، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٠، ٧٣.
(٣) من أول قوله: "وهو اسم لمؤنث" قاله النحاس بنصه في إعراب القرآن ٥/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>