عن عبد اللَّه بن عمر قال: طَلَّقْتُ امرأتِي على عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهي حائضٌ، فَذَكَرَ ذلك عُمَرُ لرسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مُرْهُ فَلْيُراجِعْها، ثُمْ يُمْسِكْها حَتَّى تَطْهُرَ، ثُمَّ تَحِيضَ عنده حَيْضةً أُخْرَى، ثُمَّ يُمْهِلَها حَتَّى تَطْهُرَ مِنْ حَيْضَتِها، فإذا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْها -إن شاء- قبل أن يُجامِعَها أو يُمْسِكْها، فتلك العِدّةُ التِي أمَرَ اللَّهُ أن تُطَلَّقَ لَها النساءُ"(١)، رواه البخاري ومسلم عن قتيبة عن الليث.
وهذا هو طلاق السُّنّةِ، وأما طلاق البِدْعةِ فهو أن يقع في حال الحيض أو في طُهْرٍ جامَعَها فيه، فهو واقعٌ، وصاحِبُهُ آثِمٌ.
قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (٢)} يَكْفِيهِ هَمَّ الدنيا وغَمَّها وكَرْبَ الموت وأهوالَ يوم القيامة {وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}؛ أي: من حيث لا يأمل ولا يرجو {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ} يَثِقُ باللَّه فيما أخْبَرَهُ به، ويَكِلُ أمْرَهُ إلَى اللَّه فيما أمره به، وفيما نَهاهُ عنه {فَهُوَ حَسْبُهُ}؛ أي: كافِيهِ، يقال: أحْسَبَنِي الشَّيْءُ أي: كَفانِي، وهو شرط وجزاء، وبه تَمامُ الكلام، ثم قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ} يعني: القضاءُ جارٍ على مَنْ يَتَوَكَّلُ وعلى مَنْ لَمْ يَتَوَكَّلْ.
قرأه العامة:{بَالِغٌ} بالتنوين {أَمْرَهُ} بالنصب؛ أي: مُنْفِذٌ أمْرَهُ، مُمْضٍ في خَلْقِهِ قَضاءَهُ، ونصب "أمْرَهُ" بـ "بالِغٌ"؛ لأنه بمعنى الاستقبال؛ أي: سَيَبْلُغُ أمْرُهُ
(١) صحيح البخاري ٦/ ٦٧ كتاب تفسير القرآن: سورة الطلاق، ٦/ ١٨٤ كتاب الطلاق: باب العدة، ٨/ ١٠٩ كتاب الأحكام: باب "هل يَقْضِي الحاكمُ وهو غضبان"، وصحيح مسلم ٤/ ١٧٩ - ١٨١ كتاب الطلاق: باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها.