للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معناه: إنا فتحنا فتحًا مبينًا، لكي يُجْمَعَ لك مع المغفرة تَمامُ النعمة في الفتح، فلما انضم إلى المغفرة شيءٌ حادثٌ واقعٌ حَسُنَ معنى "كَيْ"، هكذا ذكره ابن الأنباري عن أبِي عَبّاسٍ المُبَرِّدِ (١).

قوله: {وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ} يعني: بالإسلام والنبوة والحكمة {وَيَهْدِيَكَ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (٢) أي: إلى صراط مستقيم، ثم حُذِفَتْ "إلَى"، وانتصب الصراط؛ لأنه مفعول به في المعنى (٢).

ومعنى الآية: ليجتمع لك مع الفتح تَمامُ النعمة بالمغفرة والهداية إلى صراط مستقيم، وهو الإسلام {وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ} على عدوك {نَصْرًا عَزِيزًا (٣)} ذا عِزٍّ لا يقع معه ذُلٌّ.

[فصل]

عن أبِي هريرة رضي اللَّه عنه قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقوم -يعنِي: فِي الصلاة- حتى تَرِمَ قَدَماهُ، فقيل له: يا رسول اللَّه: أتصنع هذا وقد جاءك من اللَّه


(١) هذا الكلام قاله ابن الأنباري في إيضاح الوقف والابتداء ص ٩٠٠، ولَمْ يَحْكِهِ عن المبرد، وأما حكاية ابن الأنباري عن المبرد فقد أوردها الواحدي في الوسيط ٤/ ١٣٣ - ١٣٤، ولكن الأزهري حكاه عن ابن الأنباري عن ثعلب، لا عن المبرد، وينظر: تهذيب اللغة ١٥/ ٤٠٩، وكذلك ابن الجوزي في زاد المسير ٧/ ٤٢٣، ولَمْ أقف على أنه للمبرد.
(٢) قاله مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٣١٠. وهذه لغة أهل الحجاز، قال الأخفش: "وأهل الحجاز يقولون: هَدَيْتُهُ الطريقَ؛ أي: عَرَّفْتُهُ، وكذلك: هديته البَيْتَ في لغتهم، وغيرهم يُلْحِقُ فيه "إلَى". معانِي القرآن ص ١٦.
وقال أبو عبيدة: "ومن مجاز ما جاء على ثلاثة ألفاظ، فَأُعْمِلَتْ فيه أداتان في موضعين، وتُرِكَتا منه فِي موضع: قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}، و"إلى الصراط" و"للصراط". مجاز القرآن ١/ ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>