للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقُرَى} يعني أصل القرى، وهي مكة، سميت بذلك لأن الأرض دُحِيَتْ مِنْ تَحْتِها {وَمَنْ حَوْلَهَا} يعني: مِن القرى في الأرض كلها، و"مَنْ" في موضع نصب؛ أي: وتنذر من حولها {وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ}؛ أي: ولكي تنذرهم بالقرآن بيوم الجمع، وهو يوم القيامة، يَوْمٌ يَجْمَعُ اللَّهُ فيه الناسَ الأولين والآخِرِينَ، ويَجْمَعُ فيه أهْلَ السماوات وأهْلَ الأرَضِينَ {لَا رَيْبَ فِيهِ}؛ أي: لا شك في يوم الجمع والبعث أنه كائنٌ، ثم بعد الجمع يتفرقون، فذلك قوله تعالى: {فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ (٧) أي: منهم فريقٌ في الجنة، وفريقٌ في السعير يُعَذَّبُونَ عَدْلًا، وهم الكافرون، وهو رفع على الابتداء، وأجاز الفراء والكسائي نصبَ "فَرِيقٌ"، بمعنى: وتنذر فريقًا في الجنة وفريقًا في السعير (١).

[فصل]

عن عبد اللَّه بن عَمْرٍو قال: خرج علينا رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذات يوم، وفي يده كتابان قابِضٌ عليهما بكفه، فقال: "أتدرون ما هذان الكتابان"؟ قلنا: لا يا رسول اللَّه إلا أن تخبرنا، فقال لِلَّذِي في يده اليمنى: "هذا كتابٌ من رب العالمين فيه تسميةُ أهْلِ الجنة، وتسميةُ آبائِهِمْ وعشائرِهم وعِدَّتِهِمْ قبل أن يستقروا نُطَفًا في الأصْلَابِ والأرحام، إذْ هُمْ في الطِّينةِ مُنْجَدِلُونَ، ثم أُجْمِلَ على آخرهم، فلا يُزادُ فيهم ولا يُنْقَصُ"، فقال للذي في شماله: "هذا كتابٌ من رَبِّ العالمين، فيه تسميةُ أهْلِ النارِ، وتسميةُ آبائِهِمْ وعشائرِهم وعِدَّتِهِمْ قبل أن يستقروا نُطَفًا فِي الأصلاب والأرحام، إذْ هم فِي الطينة مُنْجَدِلُونَ، أُجْمِلَ


(١) ولكن الفراء قال: "والرفع أجود في العربية". معانِي القرآن ٣/ ٢٢، وينظر قول الكسائي في إعراب القرآن للنحاس ٤/ ٧٢، ومشكل إعراب القرآن ٢/ ٢٧٦، وقد قرأ زيدُ بنُ عَلِيِّ: "فَرِيقًا" بالنصب فيهما، ينظر: عين المعانِي ورقة ١١٨/ أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>