للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ما جاء فيها من الإعراب]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قوله عَزَّ وَجَلَّ: {سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} أخْبَرَ اللَّهُ تعالى أنه يُسَبِّحُ له مَنْ فِي السماوات ومَنْ فِي الأرض، نظيرها قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ} (١)، {وَهُوَ الْعَزِيزُ} فِي انتقامه مِمَّنْ عَصاهُ {الْحَكِيمُ (١)} فِي تَدْبِيرِهِ خَلْقَهُ، والذي لا يَدْخُلُ فِي تَدْبِيرِهِ خَلَلٌ، وهو مبتدأ، و {الْعَزِيزُ} خبره، و {الْحَكِيمُ} نعت لـ {الْعَزِيزُ}، ويجوز أن يكون خبرًا ثانيًا (٢).

قوله: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ} يعني بَنِي النَّضِيرِ لَمّا أجْلاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- حَسَدُوا المُسْلِمِينَ أنْ يَسْكُنُوا مَنازِلَهُمْ، فَجَعَلُوا يُخْرِبُونَها مِنْ داخِلٍ، والمسلمون مِنْ خارِجٍ، قرأ العامة: {يُخْرِبُونَ} بالتخفيف من الإخْرابِ، وقرأ أبو عمرو بالتشديد (٣) من التَّخْرِيبِ، والمعنى واحد مثل فَرَّحْتُهُ وأفْرَحْتُهُ {فَاعْتَبِرُوا يَاأُولِي الْأَبْصَارِ (٢)} معنى الاعتبار: النَّظَرُ فِي الأُمُورِ لِيُعْرَفَ بِها شَيْءٌ آخَرُ مِنْ جِنْسِها، والمعنى: تَدَبَّرُوا وانْظُرُوا واتَّعِظُوا فيما نَزَلَ بِهِمْ يا أهْلَ اللُّبِّ والعَقْلِ والبَصائِرِ.


(١) النور ٤١.
(٢) قاله النحاس فِي إعراب القرآن ٤/ ٣٨٥.
(٣) هذه قراءة أبي عمرو واليَزِيدِيِّ والحَسَنِ وقَتادةَ والجَحْدَرِيِّ ومجاهد وأبي حَيْوةَ وعيسى بن عمر والسُّلَمِيِّ ونصر بن عاصم وأبي العالية، ينظر: السبعة ص ٦٣٢، تفسير القرطبي ١٨/ ٤، البحر المحيط ٨/ ٢٤٢، الإتحاف ٢/ ٥٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>